ملخص
في أول تعليق لها، حملت الحكومة اليمنية ميليشيات الحوثيين "مسؤولية استدعاء الضربات الأميركية" واتهمتهم "باختيار التصعيد تنفيذاً لرغبات النظام الإيراني".
تواصل الولايات المتحدة غاراتها الجوية مستهدفة مواقع مفترضة لميليشيات الحوثيين في مسعى أميركي جديد لقطع الذراع الإيرانية الممتدة للسفن المارة عبر المياه الدولية، في حين تتوالى التوقعات بأن لهذه التطورات ما بعدها في ضوء جملة المستجدات التي قد تعيد تشكيل المشهد اليمني المشتعل.
وفي أول تعليق لها، حملت الحكومة اليمنية ميليشيات الحوثيين "مسؤولية استدعاء الضربات الأميركية" واتهمتهم "باختيار التصعيد تنفيذاً لرغبات النظام الإيراني"، في حين أكد متحدث القوات اليمنية المرابطة في الساحل الغربي وضاح الدبيش استعدادهم "تنفيذ كل المهمات لاستعادة المناطق الواقعة تحت قبضة ميليشيات الحوثيين حتى الوصول إلى صنعاء" من دون مزيد من التفاصيل.
وعلى وقع الضربات العنيفة التي تطاول مواقع عسكرية ومنشآت حربية وسياسية تابعة لجماعة الحوثي المدعومة من إيران، عقد رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي اجتماعاً ضم وزير الدفاع ورئيس الأركان وقادة القوات المسلحة وهيئة العمليات المشتركة والتشكيلات العسكرية كافة، كرس "لمناقشة الموقف العملياتي، ومستوى جاهزية القوات في مختلف المحاور" وفق وكالة الأنباء الرسمية "سبأ".
وذكرت الوكالة أن العليمي استمع خلال الاجتماع إلى تقرير من رئيس هيئة العمليات المشتركة، مستعرضاً "تقارير أوجزت الموقف على امتداد مسرح العمليات في ضوء قرار مجلس القيادة في شأن وحدة الجبهات ومستوى الجاهزية القتالية لمواجهة الخيارات التصعيدية كافة التي قد تذهب إليها جماعة الحوثيين، على خلفية إعادة تصنيفها منظمة إرهابية دولية"، وهو ما صنفه مراقبون في سياق الاستعداد الحكومي لما بعد الغارات الأميركية التي قد تهيئ الظروف الموضوعية لإطلاق عملية عسكرية تطوي صفحة الحوثيين كما هي الحال بالأذرع الإيرانية في كل من سوريا ولبنان كما جرى خلال الأشهر الماضية.
ووفقاً للوكالة، استمع الاجتماع إلى تحديث في شأن التطورات المرتبطة بالغارات الجوية الأميركية على المواقع العسكرية للحوثيين محملاً الجماعة المسؤولية الكاملة عن هذا التصعيد، فضلاً عن جلب العقوبات الدولية وعسكرة المياه الإقليمية ومفاقمة الأوضاع.
ساحة إيرانية
بيان الحكومة اليمنية الذي نشره وزير الإعلام والثقافة معمر الإرياني قال إن الضربات الأميركية "جاءت لتؤكد أن المجتمع الدولي لن يقف مكتوف الأيدي أمام التمادي والإرهاب الحوثي، وأن العالم الحر لن يسمح بأن يظل اليمن رهينة بيد إيران، وساحة حرب مستمرة لخدمة مصالحها". واتهم البيان الحوثيين بتحويل البلاد إلى "ساحة حرب مفتوحة"، وقال إنهم "اختاروا التصعيد العسكري منذ البداية تنفيذاً للإملاءات الإيرانية ومع كل هجوم إرهابي يشنونه على خطوط الملاحة الدولية وكل معركة يفتعلونها تحت شعارات زائفة فإن الشعب اليمني هو من يدفع الثمن".
ومع سيل الأخبار والتوقعات والتحليلات، لم تعرف نتائج الغارات الأميركية حتى اللحظة مع تكتم الميليشيات على إحصاءات قتلاها، فيما قال مسؤولون أميركيون إنهم قتلوا عدداً من قادة الجماعة.
وبأمر من الرئيس ترمب بدأت المقاتلات الأميركية السبت عملية واسعة ضد الحوثيين، استهدفت مخابئهم المحصنة في صنعاء وخمس محافظات. وقال البيت الأبيض الأحد إن عدداً من قادة الجماعة قتلوا في الضربات، في حين اعترفت الجماعة بمقتل وجرح عشرات وقالت إن بينهم مدنيين من النساء والأطفال.
حرب الاقتصاد أيضاً
وفي ضربة اقتصادية لا تقل عما تتلقاه الجماعة من ضربات عسكرية، أعلنت ستة بنوك تجارية كبرى نقل مقارها من صنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين إلى العاصمة اليمنية الموقتة عدن.
وقال البنك المركزي اليمني في عدن، إنه تلقى بلاغاً خطياً من غالبية البنوك التجارية والمصارف في صنعاء يبلغه برغبتها نقل مراكزها وأعمالها المصرفية الرئيسة إلى مدينة عدن المعلنة عاصمة موقتة للبلاد وذلك تفادياً للعقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة، بناء على تصنيف جماعة الحوثيين "منظمة إرهابية أجنبية".
وتسيطر جماعة الحوثيين المتحالفة مع إيران على العاصمة صنعاء ومحافظات عدة في شمال ووسط وغرب اليمن، منذ الإطاحة بالحكومة في نهاية عام 2014.
وأكد البنك المركزي اليمني يوم السبت استعداده وجاهزيته لتقديم أشكال الدعم والحماية الممكنة كافة لجميع البنوك والمؤسسات المالية والاقتصادية لضمان استمرارها في تقديم خدماتها للمواطنين اليمنيين في الداخل والمهجر وفي جميع المحافظات، مشيراً إلى أنه سيقوم بالتأكد من تنفيذ قرار النقل الكامل ويصدر شهادات بذلك، وفق وكالة "رويترز".
وأعلنت وزارة الخارجية الأميركية، في الرابع من الشهر الجاري، تطبيق تصنيف جماعة الحوثيين في اليمن "منظمة إرهابية أجنبية"، بعد دعوة الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى اتخاذ هذه الخطوة في وقت سابق من هذا العام.
سواحل آمنة
من جانبهم حاول قادة جماعة الحوثيين إظهار رباطة جأشهم أمام الغارات الأميركية التي تتم على نحو متقطع مستهدفة ثكناتهم في المناطق والمحافظات كافة التي يسيطرون عليها، وجاءت تصريحاتهم ممسكة بعصا الوعيد وجزرة السياسة، وهو سلوك اعتاد عليه الشارع اليمني مع كل منعطف خطر تمر به الميليشيات الأصولية المتشددة.
وحملت تصريحات متحدث الجماعة محمد عبدالسلام لغة هادئة بعكس ما كانت عليه في السابق، وقال إن "الملاحة الدولية في البحر الأحمر ستبقى آمنة من جهة اليمن".
وأضاف خلال تدوينة على موقع اكس "ما يدعيه الرئيس الأميركي من خطر يهدد الملاحة الدولية في مضيق باب المندب، غير صحيح، وفيه تضليل للرأي العام الدولي".
وذكر أن إعلان الاستهداف المسلح الذي تبنوه "يقتصر فقط على الملاحة الإسرائيلية، حتى يتم إدخال المساعدات الإنسانية لأهالي غزة".
وأبدى قادة آخرون وعيدهم بتدمير القوات الأميركية معرضين مقدرات البلاد للتدمير، وفق ما يذهب إليه المراقبون خدمة للمشروع الإيراني في اليمن.
واليوم أعلنت الجماعة تبنيها هجوماً ثانياً في البحر الأحمر ضد حاملة الطائرات الأميركية "هاري ترومان" بعد إعلانهم استهدافها أمس الأحد.
وعلى رغم إعلان أميركا أن الضربات هدفها فقط كف الحوثيين عن استهداف السفن العابرة في المياه الدولية إلا أن الشارع اليمني يتوقعها بداية لنهاية المشروع الإيراني في البلاد، كما الحال بما جرى في سوريا وقبلها لبنان.
والسبت وصف الرئيس الأميركي دونالد ترمب الضربات التي استهدفت مواقع الحوثيين في اليمن بأنها "حاسمة ومميتة"، مؤكداً أن الجماعة تشكل تهديداً فعلياً للملاحة الدولية بعد سلسلة من الهجمات التي نفذتها الميليشيات المتمردة ضد السفن في البحر الأحمر، وهو ما اعتبرته واشنطن تصعيداً خطراً يستوجب رداً عسكرياً قوياً.
في هذا السياق، أكد مستشار الأمن القومي الأميركي مايك والتز أن الولايات المتحدة قد توسع نطاق عملياتها العسكرية، مشيراً إلى إمكانية استهداف السفن الإيرانية القريبة من السواحل اليمنية، التي يعتقد أنها تقدم دعما استخبارياً وعسكرياً للحوثيين.
وبدأ الرئيس الأميركي دونالد ترمب عهده الثاني بإجراءات تضييق خناق إضافية على ميليشيات الحوثيين تمثلت بتصنيف الجماعة المدعومة من إيران "منظمة إرهابية أجنبية"، عقب أعوام من التحفظ المتبوع بالمحاولات الدبلوماسية الرامية إلى التوصل معها إلى صيغة تفاهمات سلمية، تضمن العيش المشترك مع اليمنيين.
وحمل القرار السريع لترمب خلال الأيام الأولى لولايته الثانية عدداً من الدلالات والاحتمالات التي تؤكد أن الذراع الإيرانية في اليمن ليست بعيدة من حسابات المجتمع الدولي، في إطار التعامل مع الأذرع الإيرانية بالمنطقة التي باتت تتهاوى في معاقلها التاريخية واحدة تلو الأخرى.